السبت، 14 أبريل 2012

خواطر حول التعليم اللامدرسي

في هذا الصيف, سيتم أكبر أبنائي عامه السادس عشر, وبما أنه سيلتحق بالجامعة خلال سنتين, فقد احتجنا أن نبدأ بالعديد من التحضيرات. هذه التحضيرات الكثيرة, فتحت عيني على ما نجحنا في تحقيقه وما أخفقنا فيه خلال الأحد عشر عاما السابقة مع ولدنا, والتي اخترنا له فيها نظام التعليم المنزلي [1], وها قد حان الوقت لتقييم هذا الاختيار التعليمي. الآن ولدي الأكبر سيلتحق بالجامعة قريبا, وعندي ولدان آخران أريد أن أستفيد من خبراتي السابقة لأجعل تعليمهما أحسن, ولهذا فإن الوقت مناسب لتقييم اختيارنا التعليمي.

مزايا التعليم اللامدرسي

- يستمتع الأولاد بالتعليم, لأنه ليس واجبا قهريا مفروضا عليهم. حين تصبح المدارس عبئا ثقيلا إلزاميا على الأولاد, فإنهم سريعا ما يربطون بين التعليم والخبرات السيئة المنفرة في حياتهم, ويصبح التعلم شيئا يريدون أن يتجنبونه. لقد أصبح ولدي قارئا نهما, يستمتع بالكتب الواقعية وليس فقط الروايات والقصص , ويحب أن يتعلم دوما شيئا جديدا. لقد أمضى ولدي أعواما عديدة وهو يصمم ويحل مسائل الرياضيات فقط لأنه يحب ذلك, وقد قام بمليء العديد من الكشاكيل بالمسائل كنوع من التسلية, وصار يهوى قراءة كل لافتة تثقيفية في حديقة الحيوانات أو مركز الكائنات المائية أو المتاحف, فقط ليتعلم المزيد.
- يتعايش الأولاد مع الحقيقة الواقعية التي تقتضي أن التعليم والحياة ليسا شيئين منفصلين, بل يصير التعليم نشاطا نمارسه في كل مكان, وطوال الوقت! ربما يبدو هذا الكلام خياليا أو حماسيا أكثر من اللازم, وقد بدا كذلك فعلا بالنسبة لي في البداية, ولكني صرت بعدها منبهرة تماما بمدى واقعية هذه الجملة. حين كان ولدي صغيرا, استطاع أن يتعلم الأرقام اللاتينية من خلال قراءة كتب (هاردي بويز) وذلك لأن فصولها كانت ترقم باللاتينية, كذلك تعلم العد بالأخماس والعشرات من خلال ممارسة لعبة (بوكيمون). لقد تعلم القراءة من خلال ممارستها, وتعلم الحساب من خلال تجارب الطهي في المطبخ,و الزراعة في الحديقة, والتسوق من المحلات. وأيضا تعلم ولدي الكثير من العلوم ووقائع التاريخ من خلال الرحلات الميدانية, والمشاريع العملية, ومن خلال مشاهدة الأفلام الوثائقية, وقد تعلم الهجاء والنحو من خلال قراءة وكتابة القصص القصيرة, والتي كان يجعلني أقوم بتحريرها.
- الحياة مغامرة مثيرة. بدون التقيد بالجدول وبالجلوس في الفصل ل"نتمدرس", يمكننا كل يوم أن نعمل شيئا جديدا, يمكن أن نذهب في العديد من الرحلات الميدانية والنشاطات الخارجية, يمكن أن نلعب ألعابا متعددة أو نقوم بعمل مشروعات منزلية, يمكن أن نحضر فصولا تعليمية مع إحدى المجموعات في المجتمع, أو نسافر, باختصار يمكننا أن نفعل ما يحلو لنا-ونتعلم الكثير من خلال عمله.

مساويء التعليم اللامدرسي


- لا يوجد روتين محدد. يجد الأطفال راحة في الروتين المتكرر, والتعود على التصرفات الإيجابية المتكررة يوميا. ربما كان بإمكانك أن تحدد جدولا يوميا تطبقه بدون الذهاب إلى المدرسة, ولكن غالبا لن يمكنك التمسك به أو المحافظة عليه
- لا يوجد مطالب محددة خارجة عن نطاق البيت. من احتياجات الطفل أن يتدرب على تحقيق متطلبات النظام الخارجي عن منزله (لأنهم غالبا سيكون لهم وظائف ورؤساء عمل), ولهذا يجب أن يتعلموا اتباع القواعد والنظم, وأن يؤدوا المطلوب منهم بصورة سليمة أثناء العمل. وكذلك أيضا يجب أن يتعلموا أن يدرسوا بجد وينظموا وقتهم ويركزوا في الأعمال حتى إنجاز المطلوب منهم.

الخلاصة

أنا سعيدة جدا بما قدمته لنا فكرة التعليم اللامدرسي في السنوات الإحدى عشرة الماضية, وسعيدة أيضا بما صار عليه إبني نتيجة لذلك, وأعتقد أنه سكون على ما يرام في الجامعة وفي الحياة عموما.

ولكنني أيضا أعتقد أنه كان من الممكن أن يتقن مهارات أفضل وعادات أحسن مما هو عليه, وكان يمكنه أن يتدرب أكثر للتوائم مع الحياة التي هو مقبل عليها, ويراودني شعور أنه كان علينا أن نضيف بعض النظام والإلزام في حياتنا.

ولهذا, فبالنسبة لأبنائي الأصغر منه, ربما لا تجدنا نقوم بروتين المدرسة في كل يوم, ولكنك ستجدنا نخلط بين التعليم اللامدرسي وبين المزيد من الروتين اليومي المتكرر والتدريب على مهارات الحياة التي ذكرتها.

إن التعليم اللامدرسي يؤدي لنتائج جيدة, ولكنه أيضا يتطلب منك جهدا أكبر لتضمن أن أطفالك يقومون بما يكفي من القراءة, والرحلات, والأنشطة, والخبرات التعليمية, وغيرها من الأمور المطلوبة لتحقق احتياجاتهم التعليمية. ينبغي أيضا أن تتأكد أنك علمت أبنائك التحكم في أنفسهم وأنهم قادرون على تحقيق ما يطلبه منهم النظام الاجتماعي العام. وإذا كنت تريدهم أن يلتحقوا بالجامعة في آخر المطاف, فينبغي أيضا أن تدربهم على فن كتابة المذكرات والملحوظات, وعلى مهارات الاستذكار أيضا.

المقال الأصلي
للمزيد من الترجمات النافعة , زوروا صفحتنا (ترجمني شكرا)

[1] التعليم اللامدرسي unschooling هو نظام تعليمي يعتمد على التدريس للأولاد بدون إلحاقهم بمدرسة, ولكن يتم التعليم في بيئة أكثر تحررا, ومن أكثر صوره انتشارا التعليم المنزلي homeschooling

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق