بقلم: Francis L. Thompson
ترجمة:
أسماء عبدالعاطي
رزقنا أنا
وزوجتي باثني عشر طفل على مدار خمسة عشر عاما ونصف. يبلغ أكبرهم الآن سبعة وثلاثون
عاما بينما أصغرهم لديه اثني وعشون عاما. كنت ولازلت أعمل في وظيفة مربحة ولدي من
المال ما يكفي أن اعطي ابنائي أي شئ يطلبونه، ولكني قررت أنا وزوجتي ألا نفعل ذلك.
سأشارككم
ما قمنا به، ولكن دعوني أولا أن
أخبركم بالنتائج:
أولادي
كلهم معهم شهادات جامعية أو لازالوا في الدراسة*، ونحن لم
ندفع شيئا من تلك المصاريف. معظمهم معهم دراسات عليا. المتزوجون منهم لديهم أزواج
رائعين على نفس درجة الخلق والدرجة العلمية أيضا. لدينا 18 حفيدا يتم تربيتهم بنفس
الطريقة التي ربينا بها أبنائنا وتعليمهم ما تعلموه من احترام الذات، الامتنان،
والعطاء والرغبة في رد الجميل للمجتمع.
ترعرعت العائلة في ولايات يوتاه،
فلوريدا، و كاليفورنيا. أنا وزوجتي نعيش الأن في ولاية كولورادوا. أتممنا في شهر
مارس الماضي 40 عاما متزوجين. أعزو جزء من
نجاحنا مع الأولاد إلى ذلك الحب الذي بيننا. فلقد رأوا حياة وبيتا مستقرا والتزاما
لا يعرف الحلول الوسط.
إليكم
ما قمنا به على الوجه الصحيح (كان لدينا العديد من الأخطاء أيضا، ولكنها قائمة
أخرى):
الأعمال المنزلية:
-
كان على الأطفال المشاركة في الأعمال المنزلية من سن
الثالثة. الطفل في عمر ال3 سنوات لا يمكنهم تنظيف المراحيض جيدا. ولكن بإتمامهم 4
سنوات يتحسن مستواهم بشكل ملحوظّ!
-
يحصل الطفل على مصروف يعتمد على كيفية مشاركتهم في
الأعمال المنزلية لهذا الأسبوع.
-
أطفالنا كانوا يغسلون ملابسهم وهم في الثامنة من عمرهم.
ونحن نعين لهم يوم الغسيل الخاص بهم.
-
عندما يبدأ الطفل في تعلم القراءة، عليه
قراءة وصفة وتحضيرها للعشاء.
-
الأولاد والبنات عليهم تعلم الحياكة!
أوقات الدراسة:
التعلم
مهم جدا في عائلتنا.
-
وقت الدراسة من السادسة للثامنة مساءا كل يوم دراسي.
التليفزيون، الكمبيوتر، الألعاب، والأنشطة الأخرى غير مسموح بها حتى تنقضي
الساعتان. إذا لم يوجد واجب منزلي، يمضون الوقت في قراءة الكتب. بالنسبة للصغار الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بعد،
يُقرأُ لهم بواسطة فرد أخر. بانقضاء الساعتان، يمكنهم قضاء أوقاتهم وفعل ما يريدون
طالما التزموا بحظر التجول.
-
كل أطفالنا
ألحقوا بالفصول الخاصة للمميزين في كل الموضوعات والمواد. ولم نجعل من درجاتهم في
اختبارات القبول لتلك الفصول عائقا, بل كنا نسعى عند الإدارة لإلحاقهم بتلك الفصول
المتقدمة حتى لو لم يكونوا أحرزوا الدرجات المطلوبة لقبولهم بها. وبعد ذلك كنا
كوالدين ننفق الوقت للتأكد أن الأطفال يستوعبون ما يقدم في تلك الدراسات الإضافية.
بعد أول طفل أدركت الإدارة أننا جادون وأن الطفل سيواكب كل تلك الفصول المتقدمة
وصاروا يسهلون لنا الحاق الأطفال بها.
-
إذا عاد أي من أطفالنا للمنزل وهو يقول
أن المدرس يكرهه أو لم يكن عادلا معه، كان ردنا: عليك أنت أن تجد وسيلة للتأقلم مع
ذلك. فقط تحتاج آن تجد طريقة لتتعلم هذه المادة؛ لأنه في الحياة العملية، من
الممكن أن تقابل مديرا لا يحبك! لم نكن لنسمح لأبنائنا أن يلوموا المدرس على عدم
تعلمهم، ولكن نرجع مسئولية تعلمهم المادة إلي الطفل. بالطبع كنا معهم وبجانبهم في
ساعتي الدراسة اليومية، متاحان لهم لطلب المساعدة في أي وقت.
الطفل
الصعب إرضاؤه في الأكل:
-
نتناول الإفطار والعشاء معا يوميا. الإفطار في 5:15
صباحا، ثم يقوم الأولاد بأعمالهم المنزلية قبل الذهاب للمدرسة. العشاء كان دائما
في 5:30 مساءا.
-
عموما، كان تناول الطعام مثير للاهتمام. أردنا نظام
غذائي متوازن، ولكن كرهناه عندما كنا صغارا، وأجبرنا آباؤنا على تناول كل الطعام
الذي أمامنا. أحيانا كنا نشعر بالامتلاء وعدم الحاجة للأكل. القاعدة كانت إعطاء
الأطفال الطعام الذي يكرهونه أولا (عادة الخضراوات) ثم يتناولون النوع الأخر من
الطعام. لم يكن عليهم أكل الطعام كله وفي وسعهم ترك الطاولة . إذا اشتكى أحدهم من الجوع بعدها، نخرج الطعام
الذي لم يريدوا تناوله من قبل ونسخنه ليأكلوه. مرة أخرى ليس عليهم أكله ولكن لا
يسمح لهم بتناول نوع أخر من الطعام حتى ميعاد الوجبة الأخرى.
-
لم يكن لدينا وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية. كان
لدينا دائما الأربع مجموعات المختلفة من الأطعمة (اللحوم، الألبان، الحبوب،
الفواكه، الخضراوات) وتقريبا دائما ما كان لدينا حلويات من نوع ما. إلى هذا اليوم،
أولادنا لا يخافون من تجربة الأطعمة المختلفة، وليس لديهم أي نوع من الحساسية تجاه
طعام معين. يجربون كل أنواع الأطعمة ويأكلون فقط حتى يشعروا بالشبع. لا يعاني أي
من أولادنا من الثقل حتى وليس السمنة. كلهم نحاف، رياضيون، وأصحاء جدا. بوجود 12
طفل، يعتقد أحدكم أنه يجب أن يعاني بعضهم من حساسية لطعام ما أو احتياجات خاصة
لأطعمة معينة. (لست طبيبا)
خارج المنهج الدراسي:
·
كان على كل الأطفال لعب نوع ما من الرياضة. كان عليهم
الاختيار، ولكن اختيار عدم ممارسة الرياضة لم يكن أحد الخيارات المتاحة. بدأنا
معهم مع بلوغ سن المدرسة. لم يعنينا إذا كانت السباحة، كرة القدم، البيسبول،
المبارزة، التنس، ... ولم نهتم إذا ما أرادوا التغيير من رياضة لأخرى. ولكن كان
عليهم أن يمارسوا رياضة ما.
·
كان على كل من أطفالنا أن يلتحق بنادي من النوادي:
الكشافة، المرشدات، التاريخ، الدراما، ...
·
كان عليهم أيضا أن يخدموا مجتمعهم. كنا نتطوع في منطقتنا
وفي الكنيسة. في مشاريع الكشافة، كانت الأسرة كلها تشارك. في إحدى المرات، جمعنا
الملابس القديمة وأخذناها إلى المكسيك وقمنا بتوزيعها هناك. رأى الأطفال الحياة
التي تعيشها الغديد من الأسر هناك وكيف أن ما قاموا بتجميعه أسعد هذه العائلات
وأحدثوا فرقا.
الاستقلالية:
·
عندما بلغوا السادسة عشر من
العمر، اشترينا لكل منهم سيارة. أول ولد علم ما معنى هذا! عندما ظهرت السيارة
"الجديدة،" قال الولد الأكبر: "والدي، إنها حطام!" قلت له:
"نعم ولكنه حطام سيارة موستانج بسقف يمكن فتحه للأخر طراز 1965. إليك دليل
تصليحا. الأدوات موجودة في الجراج. سأدفع ثمن كل القطع التي تحتاجها ولكني لن أدفع
العمالة!" وبعد 11 شهرا، حصلت السيارة على محرك ، وعدة نقل تم إعادة
بناؤها، وفرش داخلي جديد ونظام تعليق
جديد، وطبقة جديدة من الطلاء. صار لدى ابنتي (نعم، كانت كبرى أبناؤنا بنتا) واحدة
من أجمل السيارات وهي في الثانوية. وكم كان فخرها لا يوصف بأنها هي من قامت
ببنائها. (للعلم، لم يحصل أي من أبنائي على مخالفة للسرعة، مع العلم أنه لم تكن أي
من سياراتهم أقل من 450 حصان).
·
كأباء، سمحنا لأبنائنا بارتكاب
الأخطاء. قبل بلوغ السادسة عشر وقبل الحصول على هدية السيارة "الجديدة"،
كان عليهم مساعدتنا في سيارات العائلة. في إحدى المرات، طلبت من ابني سامويل أن
يغير زيت السيارة وسألته إذا كان يحتاج المساعدة أو أي توجيه. "لا يا أبي.
أستطيع القيام بالأمر." بعد مرور ساعة من الوقت، جاء إلي قائلا: "أبي،
هل تستهلك السيارة 18 لتر من الزيت؟" سألته أين وضع ال18 لتر من الزيت؟ فهي
تأخذ عادة خمس لترات فقط. أجاب: في هذا المسمار الكبير أمام المحرك. أجبته: "هل تعني المبرد؟!" لم تحدث
مشكلة لأنه ملأ المبرد بالزيت. كان عليه أن ينظفه فاشترينا جهاز لتنظيف المبرد،
ووضعنا سائل جديد في المبرد، وكان عليه بعدها تغيير الزيت الحقيقي. لم نعاقبه لأنه
فعلها بطريقة خاطئة. تركنا الدرس ليكون أداه تعليمية. أولادنا كبروا وهم لا يخافون
من تجربة الأشياء الجديدة. تم تدريبهم، إذا فعلت خطأ فلن تعاقب. غالبا ما كلفنا
ذلك لأموال أكثر، الغاية كانت تربية الأطفال وليس توفير الأموال.
·
حصل كل منهم على جهاز حاسوب خاص
به، ولكن كان عليه بناؤه. اشتريت المعالج، الذاكرة، موصل الطاقة، لوحة المفاتيح
والقرص الصلب، اللوحة الأم، والفأرة. وكان عليهم تركيبها معا وتحميل البرامج.
بدأوا في ذلك وهم في الثانية عشر من عمرهم.
·
كنا ندع الأولاد يتخذون
قراراتهم بأنفسهم ولكن بحدود. مثلا، هل تريد أن تذهب للنوم الآن أم تنظيف الغرفة؟
نادرا ما أعطينا توجيهات في اتجاه واحد، إلا في حالة تنفيذ قواعد الأسرة المتفق
عليها. هذا يشعر الطفل أن لديه بعض السيطرة على حياته.
نحن هنا معا:
·
كان لزاما على الأولاد أن يساعد أحدهم الأخر. إذا كان
لديك ولد في صف الخامس الابتدائي عليه أن يقرأ لمدة 30 دقيقة، وأخر في الصف الأول
الابتدائي مطلوب أن يٌقرأ له لمدة 30 دقيقة. اجعل أحدهم يجلس بجانب الأخر. الذين
في الثانوية ويدرسون الجبر يدرسون الرياضيات لهؤلاء في الصف الابتدائي.
·
قمنا بتعيين أخ أكبر لأخ أصغر كي يدرس له ويساعده على
إنجاز واجباته وأعماله المنزلية الأسبوعية.
·
سمحنا لأطفالنا أن يشاركوا في
وضع قواعد الأسرة. على سبيل المثال، الأولاد هم من وضعوا قاعدة لا ألعاب في غرفة
المعيشة. على الألعاب أن تبقى في غرف النوم أو غرفة اللعب. بالإضافة للأعمال
المنزلية، كان عليهم جميعا تنظيف غرف نومهم كل يوم (أو الحفاظ عليها نظيفة في
المقام الأول) كانت هذه من
القواعد التي وضعوها بأنفسهم. أعطينا لهم الفرصة كل شهر لوضع أو تعديل القوانين.
بالطبع من للأب والأم حق النقض.
·
حاولنا الحفاظ على الاتساق
والمداومة في ما نقول ونفعل. إذا كان عليهم أن يدرسوا لساعتين كل ليلة، لم نكن
نسمح بأي استثناء. حظر التجول كان في العاشرة مساءا في ليالي الأيام المدرسة و عند
منتصف الليل في ليالي العطلات. لا
استثناءات لهذه القواعد.
سياسة العطلات:
·
كنا نأخذ إجازة عائلية لمدة أسبوعين أو ثلاثة كل صيف.
كان يمكننا تحمل مصاريف المكوث في فندق، أو سفينة سياحية فاخرة، لكننا لم نفعل.
ذهبنا للتخييم حاملين العدة على ظهورنا. إذا أمطرت، كان علينا معرفة كيفية حزم
الحقائب للبقاء على قيد الحياة. كنا نقيم معسكر في موقع ما بخمس أو ست خيم، وكنت أخذ
معي كل الأولاد في عمر السادسة أو أكبر في رحلات من ثلاث لخمس أيام حاملين حقائبنا
على ظهورنا. وتبقى زوجتي في المنزل مع الأولاد الأصغر سنا. إذا كنتم تذكرون، لخمسة
عشر عاما، كانت زوجتي إما حاملا أو أنجبت طفلا لتوها. أنا وأبنائي تسلقنا مرتفعات
جراند كانيون وجبال أخرى.
·
كنا نرسل أبناءنا بالطيران لأقاربنا في أوروبا أو عبر
الولايات المتحدة لأسبوعين أو ثلاثة في المرة الواحدة. وبدأنا ممارسة ذلك وهم في
رياض الأطفال. كان الأمر يتطلب عناية خاصة لكي تأخذ شركة الطيران طفل في الخامسة
وحده على الطائرة وتتطلب أن يكون لدى أقاربنا في الجهة الأخرى وثائق خاصة. نرسل
الأطفال فقط إن أرادوا هم ذلك. ومع ذلك، رؤية الصغار للإخوة الأكبر سنا يسافرون
وحدهم جعلهم يريدون خوض التجربة. لذلك تعلم الأطفال في سن مبكرة أننا كأباء كنا
دائما بجانبهم ولكننا نسمح لهم أن ينمو أجنحتهم ويطيروا.
المال
والماديات:
·
بالرغم من أن لدينا من المال، لم نساعد أي من الأولاد في
شراء منزل، دفع مصاريف التعليم، أودفع تكاليف العرس (نعم، لم ندفع تكاليف الأعراس
أيضا). لقد قدمنا لهم معلومات مستفيضة عن كيفية القيام بذلك. كيفية شراء وحدات
سكنية للإيجار واستخدام الأسهم لزيادة الثروة. لم "نعطي" أبناءنا أشياء
وإنما أعطيناهم معلومات وعلمناهم "كيف" يقومون بالأمر. لقد ساعدناهم
ووصلناهم بالشركات وكان عليهم خوض المقابلات، والحصول على الوظائف.
·
نحن نعطي أبنائنا هدايا في الأعياد. كنا نلعب بابا نويل
في الكريسماس، ولكن عندما يكبرون ويسألون عنه، نقل لهم الحقيقة ولا نكذب. نقل لهم
هي لعبة نلعبها لنمرح. كان دائما لدينا قوائم بالأشياء التي يحب كل منهم أن
يتلقاها. ثم يختار كل منهم منها ما يريد.
بوجود الإنترنت، من السهل الآن إرسال هذه القوائم لأولادنا وأحفادنا. ولازالت
الهداية المصنوعة في المنزل هي المفضلة لديهم.
العالم
الواقعي:
لقد
أحببنا أبنائنا بغض النظر عما فعلوه. ولكننا لم نمنع عواقب أي من أفعالهم. نتركهم
ليعانوا العواقب ولا نحاول تخفيف أثارها لرؤيتهم يعانون. كنا نبكي ونحزن ولكن لم
نكن نفعل أي شئ للتقليل من عواقب أفعالهم.
كنا الأصدقاء
المفضلون لأولادنا ولم نعد كذلك. ولكننا آبائهم.
* الجامعات في أمريكا ليست
مجانية والعديد من الأمريكيين لا يكملون التعليم الجامعي لعدم القدرة على دفع
التكاليف