بقلم: جانيت لانسبري
ترجمة: سالمة أنور
رابط المقال الأصلي : من هنـــــا
بصفتي مدربة لمهارات تربية الأطفال وكاتبة، فإن هدفي يكمن في تقديم الدعم والتشجيع والإجابة عن الأسئلة. لذا لا يسعني إلا الشعور ببعض الذنب حين تُطلب مني المشورة حول التدريب على استخدام المرحاض، لتكون إجابتي في مضمونها هي، لا تفعل.
فالأطفال لا يحتاجون للكبار لتدريبهم على استخدام المرحاض. جلّ ما يحتاجون إليه هو والدان أو مقدمو رعاية مرنون وصرحاء لتزويدهم بالدعم وتسهيل عملية تعلم استخدام المرحاض، وهي عملية تختلف من طفل لآخر.
ويكمن خلف رفضي التوصية بالتدريب على استخدام المرحاض بتوجيه من الوالدين، ثلاثة أسباب رئيسة:
ليس أمرًا ضروريًا
لا أذكر نهائيًا كيف تعلم طفليّ الصغيرين كيفية استخدام المرحاض. كل ما لدي هو ذكريات مبهمة عن بداية هذه العملية مع أكبر أطفالي، وأذكر ذلك فقط لأنني ذهلت حقًا حين أظهرت اهتمامًا بالأمر في عمر 18 أشهر وأتمت العملية بالكامل بإتمامها عامها الثاني.
بينت تجاربي الخاصة أن عملية تعلم استخدام المرحاض بنجاح ستتم بشكل طبيعي وسهل كلما توقف الوالدان عن التدخل فيها. وقد أقر المئات من الآباء الذين عملت معهم على مدار سنوات بمرورهم بتجارب مماثلة.
يدفعنا ذلك للتساؤل: لماذا علينا إضافة تدريب أطفالنا على استخدام المرحاض إلى قائمة متطلبات وظيفتنا المزدحمة بالفعل، عندما يمكننا تحقيق نتائج مشابهة، إن لم تكن أفضل، بمجهود أقل؟ لم نعرض أنفسنا للإصابة بالصداع، وللصراع على مصدر القوة مع أطفالنا ومقاومتهم لنا، لم نعرض أنفسنا للإحباط والفشل؟ لم نحاول الإفراط في إظهار السيطرة على الأمور، حين يمكننا الاسترخاء والاستمتاع والشعور بالفخر ونحن ندعم طفلنا لتحقيق أهدافه بنفسه دون توجيه خارجي؟
أمر ينطوي على المخاطر
لدى الأطفال غريزة تطورية تدفعهم لمقاومة آبائهم، وإذا وضع الآباء مخططات لتدريب أطفالهم على استخدام المرحاض، على الأرجح سيميل الأطفال لمقاومتهم حتى إذا كان بالفعل لديهم الاستعداد لبدء استخدام المرحاض.
لاحظت ماجدا جيربر، الأخصائية في شؤون الطفل، ثلاثة جوانب للاستعداد ينبغي توافرها لدى الطفل ليتعلم استخدام المرحاض:
- الاستعداد البدني: شعور الطفل بامتلاء المثانة والأمعاء ومدى تحكمه في العضلات.
- الاستعداد الإدراكي: حينما يعي الطفل متى يحتاج إلى إخراج البول والبراز، وهو مدرك تمامًا لما ينبغي عليه فعله.
- الاستعداد العاطفي: حينما يكون الطفل مستعدًا للتخلي عن العادات التي أصبحت مألوفة إليه ويشعر بالارتياح لأدائها (كالتبول والتبرز في الحفاض وقتما يشاء)، وأن يتخلى، حرفيًا، عن نواتج الإخراج هذه، فهو يراها ملك له.
غالبًا ما يحدث الاستعداد العاطفي آخرًا، وهو أكثر جوانب الاستعداد حساسية وأكثرها قوة في الوقت نفسه. يُمكن للأطفال الأذكياء اليقظين الحساسين أن يدركوا ما يخطط له آبائهم. ولبعض الأطفال، أقل دفعة، ولو خفية، نحو النونية أو إبقائهم بدون الحفاض، قد تدفعه للإحجام عن التبول أو التبرز، وقد يؤدي إلى تأخير تعلمهم استخدام المرحاض لأشهر أو حتى سنوات، وقد يجعلهم يشعرون بالخجل والخزي، بل وقد يؤدي للإصابة بإمساك حاد.
في مقطع الفيديو أدناه، سوزان شلوزبيرج، أم لتوأم، تحكي قصتها مع التدريب على استخدام المرحاض بتوجيه من الوالدين:
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=oBx7U-GXAzI
في كتاب It’s No Accident الذي ألفته شلوزبيرج بالتعاون مع أخصائي أمراض الجهاز البولي للأطفال ستيف هودجيز، يحث المؤلفان الآباء على إبطاء عملية التدريب على استخدام المرحاض وأفادا بأن الإمساك - الذي غالبًا ما يحدث نتيجة البدء المبكر/التعجل في التدريب على استخدام النونية إلى جانب اختلال النظام الغذائي - هو السبب الكامن وراء جميع حالات التبول في الفراش أو حوادث عدم التحكم في قضاء الحاجة والعدوى المتكررة في القناة البولية. كذلك أصدرت شلوزبيرج وهودجيز هذا المنشور التوعوي المصور (متاح للتنزيل مجانًا) لزيادة الوعي حول الإمساك:
وفقًا لشلوزبيرج، "معظم الآباء لا يعرفون ما هي علامات الإمساك (مفترضين أنه يعني "عدم انتظام التبرز")، لذا يعاني الأطفال دون أن يدرك الآباء السبب."
لقد تعلمت على مدار سنوات عملي مع الآباء أن تعلم استخدام المرحاض ليس أمرًا يستهان به. بل وتنتابني القشعريرة حين يخبرني بعض الآباء أنهم "يتولون هذا الأمر حاليًا" لما شهدته من المشكلات التي يسببها مثل هذا الموقف، بمعدل ليس بالقليل.
صحيح أن معظم ما يصلني من خبرات هو من آباء قلقين يعانون في مهمتهم. بالتأكيد هناك العديد ممن يتبنون أساليب ناجحة للتدريب على استخدام المرحاض. وإلا فلم يوجد هذا الكم الهائل من الكتب والمنتجات الخاصة بالتدريب على استخدام المرحاض؟ أيعقل أن يحاول أخصائيو التسويق إقناع المستهلكين أنهم يحتاجون لشيء ما هم في الواقع في غنى عنه؟!
الأطفال يستحقون أن ينسب إليهم هذا الإنجاز
إن قائمة الإنجازات التي يمكن للأطفال الصغار تحقيقها ليست بالقائمة الطويلة. ولكن يمكنهم تحقيق هذا الإنجاز، لذا لا أرى أي سبب لمنعهم من إتقان هذه المهارة. فلا يوجد ما هو أقوى وأكثر بناءً للثقة في النفس بالنسبة للطفل الصغير من شعوره "أنني أستطيع فعل ذلك بنفسي."
يتم تعلم استخدام المرحاض بشكل طبيعي وسهل عندما نقوم بما يلي:
- دعوة الأطفال للمشاركة الفعالة أثناء الاستحمام وتغيير الحفاض وغيرها من الأنشطة الروتينية للرعاية الذاتية، وذلك منذ ولادتهم. يمكننا دعوة الطفل للمشاركة الفعالة بأن نخبرهم بجميع تفاصيل ما يحدث بأسلوب يظهر احترامنا لهم: "سأرفع مؤخرتك الآن لأقوم بتنظيفها. أيمكنك مساعدتي في رفعها؟" احرص على عدم الإيحاء بأي رسائل سلبية حول أعضاء الجسم أو حول البراز والبول (مثل "مقرف" أو "رائحته كريهة"، إلخ).
- نكون لهم قدوة فيما يخص استخدام المرحاض. فالأطفال يرغبون غريزيًا في محاكاة ما يفعله آباؤهم وأشقاؤهم الأكبر عمرًا.
- عدم دفع الأطفال أو حتى التحايل عليهم لاستخدام النونية، بل وضع حدود سلوكية عامة واضحة، حتى لا نغري الطفل لاستغلال عملية تعلم استخدام المرحاض كساحة لاختبار مدى صرامة القواعد. فهذا الجانب الحساس والمعقد من جوانب تطور الطفل يحتاج أن يظل بعيدًا عن أي صراعات على السلطة.
- الحرص على وجود نونية في المتناول. بعض الأطفال يحبون استخدام نونية صغيرة تتيح لهم وضع أقدامه على الأرض، في حين يفضل بعضهم وضع تثبيت مقعد خاص على المرحاض الأصلي.
- المراقبة. اجعل من نفسك مراقبًا متمرسًا. عندما تظهر على الطفل علامات لرغبته في قضاء حاجته (كلمسه لحفاضه أو التقريب بين ساقيه، وما غير ذلك)، اسأله بطريقة طبيعية إذا كان يرغب في استخدام النونية. وتقبل رفضه بهدوء.
- إعطاء الطفل الخيار بين استخدام الحفاض أو الملابس الداخلية عندما تشعر أن طفلك قد يكون مستعدًا لتعلم استخدام المرحاض، مع الحرص على تقبل خياره إذا ما اختار البقاء في الحفاض.
- الثقة ثم الثقة ثم الثقة. كما تنصح ماجدا جيربر في كتابها Your Self-Confident Baby، "إن تعلم استخدام المرحاض عملية تستغرق وقتًا. وبدلًا من الضغط على طفلك أو التحايل عليه بمكافأته بالحلوى أو غيرها من المكافئات الخاصة، ليتمكن من القيام بأمر سيتعلمه بنفسه عاجلًا أم آجلًا، ثق أنه سيتقن الأمر حين يكون مستعدًا لذلك. فالثقة هي أساس الاحترام."