الإتجّاه
الخاطئ الذي يسلكه التعليم
ترجمة
: رحاب علي
الرابط
الأصلي من هنا
يتجّه
التعليم في الولايات الأمريكية المتحدة نحو مزيد من التوحيد: اختبار عام شامل و
تناول متشابه لكل الطلبة في التعليم وهو النهج المعاكس لما هو مطلوب في القرن الحادي
والعشرين.
كان
هذا النموذج في التعليم أكثر ملائمة للثورة الصناعية حين كان معظم الطلاب لا يحتاجون
للاستعداد لعمل يحتاج إلى الإبداع أو التفكير النقدي أو الابتكار. خلال
حقبة المدارس الصناعية كانوا يحتاجون لإنتاج (كتلة) من الطلبة بمعارف ومهارات متماثلة
للعمل في المصانع وعلى وظائف خط التجميع. اذا
استخدمنا هذا النموذج اليوم فسوف نخرّج ملايين الطلاب بمهارات ومعارف لا تطابق وظائف
ومهن القرن الحادي والعشرين. وهذا ما يحدث بالفعل وهو أحد أسباب
عدم
حصول الكثير من الشباب في العالم على وظائف لائقة، بما في ذلك العديد من خريجي الجامعات.
حتى
في الولايات الأمريكية المتحدة يتناقص الابداع بين شبابنا كل عام وهو يقاس باختبار
تورانس للتفكير الابداعي (TTCT). فالمشكلة تكمن في كوننا نحاول التحسين في نموذج ونظام تعليمي لعالم
لم يعد موجودًا.
هنالك حاجة لمهارات أساسيّة باعتبارها قاعدة للبناء السليم:
درجات
الاختبار العالية في القراءة والرياضيات هي ليست كل شيء وليست نهاية كل شيء، ولكن هنالك
حاجة لهذه المهارات الأساسيّة والجوهرية باعتبارها الأساس لتعليم جيّد.
تشاو
يونغ أستاذ جامعي ومؤلف كتاب (طلاب
على مستوى عالمي: كيف نعلم طلبة مبدعين ورياديين)[1] يشير إلى أنّ الطلاب الصينيين هم رقم واحد
في العالم في العام الماضي في مجال العلوم والرياضيات في اتجاهات الرياضيات والعلوم
الدولية (TIMSS) وفي القراءة، والرياضيات والعلوم في البرنامج الدولي
لتقييم الطلبة (PISA) حتى الآن، ويشير
أيضًا إلى أن عددًا قليلًا من هؤلاء الطلاب الحاصلين على درجات عالية لديهم عقلية رياديي
الأعمال بسبب النظام التعليمي الذي يؤهلهم فقط لاجتياز الاختبار ويضع أعلى قيمة على
نتائج الاختبارات الموحدة. لا تقتصر عقلية ريادي الأعمال على بدء عمل تجاري ولكنها
تشمل القدرة على توليد الأفكار وتنفيذها واقعيا من أجل حل مشاكل العالم الحقيقي وتحقيق
الأهداف.
العقليّة الرياديّة مطلوبة للتوظيف اليوم
يمكن تطبيق العقلية الرياديّة على وظائف
اليوم سواء كان الشخص يبدأ مشروعًا تجاريًا أو يعمل كموظف، حيث تتميّز هذه العقليّة
بالمثابرة والمبادرة الفرديّة والقدرة على حل المشاكل في العالم الحقيقيّ، والقدرة
على تحقيق الأهداف ومهارات الإتصال والاستعداد لتحمّل المخاطر والثقة بالنفس، والقدرة
على الانخراط في التفكير النقديّ والإبداعيّ.
إن الدول الأعلى في درجات الاختبار في الاختبارات
الدولية عادة ما نجد لديها أدنى مستويات الإبداع بإستثناء فنلندا، ففي فنلندا لا يأخذ
الطلاب اختبارات موحدة حتى نهاية المرحلة الثانوية عندما يخوضون الاختبارات الدولية
ويؤدون فيها بشكل جيّد.
لماذا لا تنتج البلدان التي تحصل على أعلى
درجات الاختبار أمثال ستيف جوبز وتوماس اديسون؟
لم تعلن الصين بعد إنشاء محرّك جوجل ومايكروسوفت
وأبل والفيسبوك أو "تجوال فضولي في المريخ" وتُمنح براءات اختراع قليلة في
الصين وعدد قليل من الناس يبدأون مشاريعهم الخاصّة بالمقارنة مع حجم السكان.
يتمّ تعليم الأطفال كيف يتوافقون ويمتثلون
ويلتزمون بالاختبارات، ويحفظون ويجترّون المعلومات ولا يتمّ تعليمهم التفكير خارج الصندوق.
هل هذا هو حقًا المنحى الذي تريد الولايات المتحدة أن تأخذ نظامنا التعليمي إليه؟ هل
نحن في سباق نحو القمّة حتى نصبح مثل الصين؟
ومع تطبيق برنامج (لن يترك طفل مهملا No Child
Left Behind NCLB)، ازداد الضغط من
أجل الاختبار الشامل للجميع و تراجع إبداع الأطفال الأمريكيين، وحتى الآن يبدو أننا
نحسد ونريد أن نقلد النظم التعليمية الّتي تتبنى هذه النماذج التعليميّة التقليدية.
يحتاج الطلاب إلى المهارات من
المستوى المعرفي العالي وغير المعرفي
أولئك الذين لديهم عقلية ريادييّ الأعمال
يستخدمون ويطوّرون مهاراتهم المعرفية وغير المعرفية. قام جيمس هيكمان من جامعة شيكاغو
ببحث وجد فيه أن المهارات غير المعرفية مثل تحديد الأهداف وإدارة الوقت والقدرة على
التواصل بشكل جيّد والمثابرة وغيرها أكثر أهميّة للنجاح الوظيفي والمالي من القدرات
المعرفيّة وكمية المعلومات لدى الخريج. وأجرى جوزيف ديورلك من جامعة لويولا في شيكاغو
دراسة وجد فيها أن الطلاب الذين يتعلمون المهارات غير المعرفية لزيادة تعلمهم الاجتماعي
والعاطفي لا يكتسبونها فحسب ولكن أيضا يزيد أدائهم في الدرجات بحوالي 11 بالمئة.
يحتاج الطلّاب أن يتعلموا كيف يتعلّموا،
يتعلموا أن يفكروا ويوقظوا مواهبهم وإمكاناتهم. وكذلك يحتاجون المساعدة في اكتشاف الغرض
من العمل الذي يتملّكهم شغف واستعداد تجاهه. الإستعداد والفرصة ووضوح الغاية والشغف
والممارسة جنبًا إلى جنب هي مفاتيح الإنجازات البارزة. يجب على المعلمين أن يساعدوا
الطلاب أن يعثروا على أسمى تعبير عن قدراتهم ومواهبهم ومهاراتهم، كل طالب فريد من نوعه
ولديه أنواع خاصة من الذكاء والمواهب التي تنتظر من يكتشفها ويساعده في استخدامها.
دعونا نحقق الغرض من التعليم وهو إخراج
أفضل إمكانيّات كل متعلّم.
طالب متوسط × نهج اختبار متوسط
نحن بحاجة إلى نهج يركزّ على الطالب،
الذي يقدم للشباب استراتيجيّات تعلّم كيف تتعلم والتفكير الإبداعي فكلاهما ضروريان
للنجاح في سوق العمل في القرن الحادي والعشرين.
وأشار الشاعر الهندي طاغور إلى الطريق منذ
زمن طويل حين قال "لا تحدّ من قدرات طفل بما تعلّمته أنت، لأنّه ولد في زمنٍ آخر"
هل نريد حقًا المراهنة على حياة الملايين من الطلبة وأجيال المستقبل على نموذج تعليمي
لا يماشي زمننا الحالي؟ ستكون النتيجة على الأرجح معدلات بطالة عالية وفقر وانعدام
القدرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي.
فكّر في قصّة التعليم وما يمكن أن يكون
عليه المستقبل إذا غيّرنا الإتجاه وتبنينا نموذج تعليمي يوقظ أعلى إمكانيّات كل فرد
وإبداعه.
قائمة المراجع:
References:
Durlak,
J.A., Weissberg, R.P., Dymnicki, A.B., Taylor, R.D.and Schellinger, K.B.(2011),
The Impact of Enhancing Student’s Social and Emotional Learning: A
Meta-Analysis of School-Based Universal Interventions. Child Development, 82:
405-432. doi: 10.1111/j. 1467-8624.2010.01564.x
Heckman,
James, Humphries, John, and Mader, Nicholas (June 2010), The GED. NBER Working
Paper Series. National Bureau of Economic Research. Cambridge, MA.
Zhao,
Yong.(2012). World Class Learners: Educating Entrepreneurial and Creative
Students:Thousand Oaks, California: Corvin, A Sage Company.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق