الاثنين، 5 مارس 2018

كيف يتعلم الأطفال بشكل أفضل من أبطال القصص الواقعية

بقلم: تانيا لومبروزو
ترجمة: نهى حجاب
المقال الأصلي: من هنــــا
 (Vstock/iStock)

منذ عدة سنوات، طلبت مني ابنتي أن استبدل تهويدة المساء بقصة ما قبل النوم.

وكم كنت سعيدة للانصياع لطلبها، و بمنتهى الحماس بدأت في ابتكارالقصص المليئة بالمخلوقات الخيالية في حبكة خاصة قصدت بها إيصال بعض الدروس المهمة عن الصبر والعمل الجاد أو التعاطف مع الآخرين.

ولكن ابنتي لم تكن سعيدة بهذا الأمر، فقد كانت لديها أفكارا خاصة عما يجب أن تدور حوله قصص ما قبل النوم . لقد أرادت قصص تتحدث عن فتاة صغيرة تخطط لحفلة عيد ميلادها. فتاة في مثل عمرها تقريبا. وكان أكثر ما سحرها هو تلك التفاصيل العادية عن موضوع الحفلة، مكانها، المدعوين والسؤال الأكثر أهمية ماهي أصناف الحلو التي يجب تحضيرها؟

فيما بعد تبين أن ابنتي ليست الوحيدة بين أقرانها، فذلك الشغف لقصص حفلات أعياد الميلاد، بوجه خاص، ربما يكون متفرداً، لكن الأطفال بشكل عام يفضلون القصص الواقعي على الخيالي. وهناك بعض الدراسات ترجح إنه عندما يتعلق الأمر بكتب الحكايات، فإن الأطفال أيضاً يتعلمون بشكل أفضل من القصص الواقعية. على سبيل المثال، فالأفضل في سن الروضة أميل لتعلم حقائق جديدة عن الحيوانات عندما تصور بشكل واقعي مقارنة بتصويرها بشكل شبيه بالبشر. كما تزداد قدرتهم على استخدام الحلول للمشكلات المطروحة في إحدى القصص، في سياق جديد كلما كان أبطال القصة أشخاص عاديين في أحداث واقعية وذلك بالمقارنة بالشخصيات الخيالية في إطار مغامرة خيالية.


في دراسة جديدة لنيكول لارسن، كانج لي، وباتريشيا جنيا  في مجلة التطور العلمي تكشف أن تعلم السلوك الجيد ليس استثناء، عندما يقرأ الأطفال قصص واقعية عن أشخاص يتشاركون مع الآخرين فإنهم في الأغلب سوف يفعلون ذلك أنفسهم.

تذكر الدراسة أن الأطفال في سن اربع إلى ست سنوات يصبحون أكثر رغبة في مشاركة بعض ملصقاتهم عند سماع قصة أبطالها أطفال أو  أشخاص عاديون  يتشاركون مع غيرهم مقارنة بالأطفال الذين يستمعون إلى قصة أبطالها من الحيوانات الناطقة . أي أن الأطفال قاموا بتطبيق ما تعلموه من القصة على سلوكهم الخاص وذلك فقط عندما كان ابطال القصة من البشر.

كما وجد الباحثون في دراسة على مجموعة أخرى من الأطفال، عدم وجود تفضيل موثوق لاختيار القصص صاحبة الابطال البشريين في مقابل القصص التي أبطالها من الحيوانات الناطقة . ما يدحض فكرة وجود تأثير أقوى للقصص التي أبطالها من البشر في الترويج لمبدأ المشاركة لأنها ببساطة أكثر جاذبية. كذلك عدم إنجذاب الأطفال بشكل خاص للقصص الأكثر خيالية.

كل هذه المعطيات من الدراسة تؤكد أن الأطفال يجدون سهولة أكبر في نقل ما تعلموه من قصة خيالية إلى العالم الحقيقي عندما تكون القصة أكثر واقعية ، حيث أن اسقاط القيم والمواقف أو الانتقال من شخص خيالي إلى شخص حقيقي هو بكل تأكيد أكثر سهولة وأبسط من إسقاط موقف أو قيمة والانتقال من حيوان ناطق إلى شخص عادي. قد يصبح هذا الأمر أسهل مع تقدم الأطفال في السن حيث يصيرون أكثر قدرة على تلك الإسقاطات والقفزات وربما ساعدهم ذويهم في ذلك.
وجدت ورقة بحثية نشرت مؤخراً في مجلة Journal Cognition

أن حث الأطفال ذوي الخمس أو الست أعوام على شرح الأحداث المحورية في القصة جعلهم أكثر قدرة على استخلاص العبرة الأخلاقية للحكاية وتطبيقها في مشاكل الواقع الحقيقي. وهذا أمر يمكن للوالدين أن يفعلوه بسهولة بينما يقرأون مع أبنائهم، حيث يمكنهم سؤالهم على سبيل المثال : "لماذا تشارك أو لم يتشارك الراكون في القصة؟" أو "لماذا كان رد فعل الحيوانات الأخرى بهذا الشكل؟" وهكذا. إذا صحت نظريتي أنا وكارين ووكر Caren Walkerعالمة النفس التطويري
في تلك الورقة البحثية، فسوف يساعد ذلك الأطفال على الربط بين معطيات العالم الخيالي للقصة وما يعرفونه عن العالم الحقيقي وبالتالي يصبحون أكثر ادراكاً للأنماط التي تتشابه وتتكرر في كلا من العالمين، الخيالي للقصة والواقعي من حولهم.

إن الدرس الذي تعلمته من بحثي في قصص الأطفال هو : في المرة القادمة التي تطلب مني ابنتي أن احكي لها قصة واقعية عن حفلة عيد ميلاد، فسوف أسعدها بذلك. وستكون الحكاية عن فتاة تحتفل بعيد ميلادها السابع. وستحتوي الحكاية أيضا على بعض المشاكل والحلول الواقعية وسأحرص على وجود بعض الدروس عن أهمية المشاركة مع بعض التشجيع على الشرح مقياس جيد لفهم القصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق