السبت، 17 أكتوبر 2015

دور الخلفية الثقافية في فهم المادة المقروءة

بقلم : فاليري ستراوي
ترجمة : هنادي عبد الفتاح
رابط المقال الأصلي من هنا
بدأ العالم المعرفى و أستاذ علم النفس دانيال ويلينجهام التدريس في جامعة فيرجينيا عام 1992 عندها ركز بحثه على أجزاء الدماغ المعنية بالتعلم و الذاكرة, و الجدير بالذكر أن له العديد من المؤلفات منها "لماذا لا يحب الطلاب المدرسة؟" "متى تثق بالخبير؟" "تمييز العلوم الجيدة من السيئة فى مجال التعليم" .إلا أنه بعد عام 2000قد ركز بحثه على تطبيق علم النفس المعرفي فى نظام التعليم
 و هو نظام يغطى مراحل التعليم بدءاً بمرحلة الروضة و حتى الأربع سنوات الأولى من التعليم الجامعى.K-16
 في السنوات الأخيرة كتب ويلينجهام أكثر من منشور في مدونات مختلفة بالعناوين التالية:"نظرية الدماغ الأيمن و الأيسر مجرد هراء"! و "القرن الحادى و العشرين سيشهد نقصاً ملحوظاً فى مهارات الطلاب"
و قد أصدر ويلينجهام كتاب جديد مؤخراً بعنوان " دور الآباء و المعلمين فى تنشئة طفل قارئ" .
و سأتناول فى المقال الحالى ما اعتقده فيما يخص اختبارات تحديد المستوى و المعايير الأساسية التى تضعها الدولة للارتقاء
بمهارات القراءة و الفهم لدي الطلاب و هل  تحقق المرجو منها.
يقول ويلينجهام " تعليم الطفل القراءة أمر مختلف تماماً عن تعليم الطفل حب القراءة. كتابي الجديد "كيف تنشئ طفلاً يقرأ"هو لمساعدة الأباء و المعلمين لجعل الطفل يختار القراءة كنشاط حر في وقت فراغه.
و لقد أشرت فى هذا الشأن أن القراء النهمون يتمتعون بالتالى:
 1- يتعرفون على الكلمات بسرعة و طلاقة.
2- يفهمون بسهولة ما يقرأون.
3- لديهم الدافع للقراءة.
سأدرج من خلال خمس مقالات  بعض ما يمكن للأباء و المعلمين فعله لتنميةحب القراءة لدى الأطفال و سأهتم بشكل خاص بتعزيز الفهم و الدافع للقراءة.

و يبدو أن المنهج الذى تتبعه الدولة للارتقاء بمهارات القراءة  لدى الطلاب و فهم ما يقرأون منهجاً منطقيًا,  فهى تضع المعايير و المناهج و الألية اللازمة لتقييم الطلاب و لكن فيما يبدو أن الهدف المرجو منه لم يتحقق.
من أجل تفهم الدافع وراء اهتمام الدولة بتعزيز مهارة استيعاب المادة المقروءة و فهمها علينا أولاً أن ننظر بعين التقدير لتلك المهارة و التى أحياناً لا تلقى الاهتمام المناسب.
عندما يكون في استطاعة الطفل أن يتعرف على الكلمات بسرعة و لديه خلفية مسبقة عن الموضوع الذي يقرأه سيكون بإمكانه الفهم و الاستيعاب بشكل أفضل.
 المؤلفون عادة يسقطون المعلومات الضرورية لربط الأفكار الواردة في النص بعضها ببعض. على سبيل المثال تأمل هذا المقطع الصغير: ( نحن لم نذهب إلى ميامي لأن زوجتي لا تستطيع أخذ إجازة من العمل سوى في شهر يوليو) لربط هاتين المعلومتين ببعضهما - رفض الذهاب إلى ميامي و وقت الاجازة هو يوليو- تحتاج لأن تعرف بعض المعلومات عن طقس الصيف في شمال فلوريدا.المؤلف لم يذكر هذا لأنه يتوقع أن يكون القارئ على علم به و أنه قد يعد نوعاً من التفصيل أو التعقيد – عندما لايكون ضرورياً- و يبطئ من سرعة القراءة و يُشعر القارئ بالملل. لكن الإغفال ربما يكون بمثابة مراهنة. فالجملة التالية ستكون غير مفهومة إذا لم يكن القارئ على علم بأن الطقس في ميامي حار جداّ في الصيف, و أن الناس يفضلون درجات الحرارة المعتدلة أثناء قضاء إجازتهم.
لهذا السبب, القرّاء الذين لديهم خلفية معرفية كبيرة, هم قرّاء أفضل من غيرهم. كلما راهن المؤلف على إغفال  معلومات ليس هناك حاجة إلى تفسيرها لأن قرّاءه بالضرورة لديهم القدرة على ملء تلك الفراغات, يكون محقاً فعلاً إذا كان قرّاؤه ذوي خلفية ثقافية كبيرة عما يدور حولهم. لذا إذا كان أحد عوامل تنشئة طفل يقرأ هو تنشئة طفل يستطيع استيعاب النصوص جيداً, فنحن بحاجة إلى تنشئة طفل لديه خلفية ثقافية كبيرة. كيف نستطيع فعل ذلك؟

و القراءة أحد الطرق التى تمكن الطفل أو البالغ من معرفة معلومات عديدة عن العالم برمته ( كونينجهام و ستانوفيتش 1998). لكن مارلين آدامز (2009) أشارت بأن القراءة لا يمكن أن تكون دون تنظيم أو منهجية إذا ما أردنا اعتبارها رافد مهم للمعرفة. لتدعيم هذا الأمر المختلف عليه, استشهدت آدامز ببيانات من قواعد بيانات ضخمة لترى كم مرة ترد كلمة ما فى الجرائد و المجلات و الكتب و تعد تلك الوسائل من الوسائل العامة للمعرفة.
تأمل مفهوم المريخ مثلاً, معرفة معلومات بسيطة عنه ( بأنه كوكب من ضمن مجموعتنا الشمسية, و ربما يرى بالعين المجردة) هذا التصنيف المعرفي هو ما يفترض الكاتب في الجريدة أنه موجود لدى الجمهور. مع ذلك فكلمة المريخ لا تظهر   إلا نادراً في المجلات و الكتب. بمعنى آخر, إذا كنت تنتظر أن تتعرف على كلمة المريخ من خلال القراءة فربما ستنتظر طويلاً جداً.
في الواقع يجب أن نتأكد من أن الأطفال تعلموا عن كوكب المريخ في المدرسة , وذلك بجعله جزءاً من المنهج الدراسي. بشكل عام, إذا أردنا من خريجي الثانوية العامة أن يقرأوا الجرائد الجادة مثل: الواشنطون بوست, فعلينا أن نتأكد من أنهم أحاطوا بالمعرفة التي يفترض كتّاب المقالات و المنشورات وجودها لدى قرّائهم.
للأسف, الدلائل الموجودة تشير إلى أن المنهج الدراسي في الولايات المتحدة الأمريكية محدود و ضيق الأفق. معظم الوقت الدراسي في المرحلة الابتدائية يكون من نصيب اللغة الإنجليزية, الفن, والرياضيات أما المواد الأخرى مثل العلوم و الجغرافيا التربية المدنية  ربما لا تستغرق  سوى 10 – 15 % فقط  من وقت الدراسة .
إضافة إلى أن النصوص المستخدمة في تعليم اللغة الإنجليزية و الفن هي نصوص سردية و نادراً ما تحمل معلومات جديدة.
هاتين الحقيقتين: أهمية الخلفية الثقافية في الفهم و كون المنهج في المرحلة الابتدائية نادراً ما يبني هذه الخلفية , هو ما جعل اختبار تحديد المستوى يركز على بناء الخلفية الثقافية تلك. لنقتبس مباشرة منهم:
" بقراءة النصوص في التاريخ أو علم الاجتماع أو العلوم أو التخصصات الأخرى, يبني الطلاب أساس من المعرفة في تلك المجالات, الأمر الذي يفيدهم في تكوين خلفية ثقافية تسمح بجعلهم قرّاء جيدين على مستوى الفروع المتعدددة. فالطلاب يستطيعون فقط تكوين هذه الخلفية العلمية عندما يكون المنهج الدراسي يهدف بشكل متماسك لتطوير المضمون المعرفي في المراحل الدراسية المختلفة "
قرأت الكثير من التعقيبات حول زيادةجرعة المعلومات و الحقائق للطلاب, إلا أنه ليس هناك حديث حول الترتيب الذي سيتعلم به الطالب تلك المحتويات , مما يعنى أن المجلس المختص بتحديد المعايير لدى الطلاب و تقييمهم  لم يقرر محتوى بعينه بعد.و مما لا شك فيه أن تلقى الطالب لتلك المحتويات بشكل متسلسل منطقياً يعد أمر بالغ الأهمية, فإذا كانت الخلفية الثقافية مهمة لتعزيز الفهم, ألن يكون من الأسهل أن تفهم نصاًيدور حول المهاجرين إن كنت قد قرأت فعلاً عن السكان الأصليين الذين قابلهم المهاجرون لدى وصولهم للولايات المتحدة الأمريكية؟ و ألن يكون تفهم ثقافة هؤلاء السكان الأصليون أكثر يسراً أن كنت قرأت مسبقاً عن الزراعة خلال دراستك ؟و ستكون بالضرورة معلوماتك عن الزراعة أفضل أن كنت قرأت مسبقاً عن النباتات, و هكذا...
تضمين 50% من المعلومات العلمية في المنهج هو هدف جيد. لكن هذه التوصية ستؤدي وظيفتها بشكل أفضل و أكثر فاعلية إذا ترتبت النصوص بشكل منطقي .لذا فأول شيء يمكن أن يفعلهالمدرسون و المدارس لمساعدة الطلاب بأن يكونوا قرّاءاً متحمسين و أصدقاء حميمين للكتاب في أوقات فراغهم, هو التأكد من حيازتهم للخلفية الثقافية التي تضمن لهم أن يفهموا ولو جزء بسيط من الموضوعات المطروحة في الكتب و المجلات و الجرائد.
تطوير أو اختيار و من ثم تحقيق مثل هذا المنهج في المدارس هو أصعب خطوة تقوم بها المدرسة, و لكنها الأهم و يتوقف عليها زيادة الفهم و الإدراك للمادة المقروءة. هذا النوع من المعرفة الذي يضمنه المنهج هو العامل الأكبر الذى يتوقف عليه زيادة فهم الطالب لما يقرأه و الأهم قطعاً من تدريس استراتيجيات فهم النصوص.

** مجلس اختبار مستوى الطلاب : هو مجلس تعليمي يهدف إلى التأكد من تمكن الطلبة من مهارات و معلوماتيحددها في كل من اللغة الإنجليزية و الفن و الرياضيات في نهاية كل مرحلة دراسية.

References
Adams, M. J. (2009). The challenge of advanced texts. In E. H. Hiebert (Ed.) Reading More, Reading Better. New York: Guilford.
Duke, N. K. (2000). 3.6 minutes per day: The scarcity of informational texts in first grade. Reading Research Quarterly, 35(2), 202-224.
National Institute of Child Health and Human Development. Early Child Care Research Network. (2002). The relation of global first-grade classroom environment to structural classroom features and teacher and student behaviors. Elementary School Journal, 102(5), 367–387.
National Institute of Child Health and Human Development. Early Child Care Research Network. (2005). A day in third grade: A large-scale study of classroom quality and teacher and student behavior. Elementary School Journal, 105(3), 305–323.
Stanovich, K. E., & Cunningham, A. E. (1998). What reading does for the mind.American Educator22, 8-15.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق