السبت، 17 أكتوبر 2015

كيف نجعل الطفل يؤمن بأنه قارئ ويرى نفسه من أهل الكتب؟


بقلم : فاليري ستراوي
ترجمة : هنادي عبد الفتاح
رابط المقال الأصلي من هنا
ذكرنا في المقال السابق كيف يتضاءل الموقف الإيجابي للقراءة مع تقدم الأطفال في العمر. هذا الموقف يكون في قمته مع بداية تعلم الطفل للقراءة فقط. الأسوأ, أن الموقف الإيجابي لا يعد كافياً!فأنا لدي موقف إيجابي جداً من ممارسة الرياضة, و أعتقد بأنها تجلب الكثير من المنافع الصحية, و أعرف بأنني سأكون أفضل عندما أمارس الرياضة ومع هذا لا أفعل!
هذا صحيح جزئياً, لأنني لا أرى نفسي كشخص رياضي . إنها النظرة الذاتية. يجب أن يرى الأطفال أنفسهم كقارئين, و ليس فقط أن يكون لديهم موقف إيجابي من القراءة.
من أين تأتي نظرتنا لذواتنا ؟ كثير من مقاييسها تأتي من المقارنة! فأنت ترى نفسك كقارئ ليس لأنك تقرأ بشكل متكرر. و إنما لأنك تقرأ أكثر من أصدقائك.
في الواقع أنت تتناول غداءك كل يوم , لكن آكل الغداء ليست جزءاً من نظرتك لذاتك! لكن إن لاحظت ( وكذلك لاحظ أصدقاؤك) بأنك تطلب السلطة مع غداءك في أي مكان تكون فيه, عندها تصبح هذه العادة جزء من نظرتك لذاتك, كآكل للسلطة في مجموعة أصدقائك.
لذا إذا أردنا للطفل أن يقرأ فيجب أن نجعله يفكر في نفسه بأنه قارئ. و في طريقنا لتحقيق هذا يجب أن يلاحظ الطفل بأنه يقرأ أكثر مما يفعل أصدقاؤه.
لحسن الحظ, نظرة الطفل لذاته تتأثر بعائلته. الطفل يعرف بأن عائلته لديها قيم تختلف عن قيم العائلات الأخرى, ووجوده ضمن هذه
العائلة يضفي تلقائياً الشعور بامتلاكه لهذه القيم أيضاً.
عادة, المعلمون لا يؤثرون على قيم العائلة بشكل مباشر, لكن من الجيد أن يضعها المعلم في ذهنه ليساندها متى سنحت الفرصة لذلك.
إذن ما الذي يعنيه أن تكون العائلة قارئة؟
القراءة بصوت مرتفع للأطفال, و توفر  العديد من الكتب في المنزل لهما تأثير واضح بلا شك , إلا إننا ينبغى أن نحفز الطفل و نشجعه على القراءة و ذلك من خلال كوننا أسرة متعلمة و ليست قارئة فحسب. عائلة حريصة على طلب العلم و تستغل كل الفرص لتعلم أشياء جديدة. فالقراءة أمام الأطفال و لهم ليست إذن السبيل الوحيد رغم أهميته ليدرك الطفل قيمة القراءة و نغرس فيه شغف التعلم.
إذن كيف نجعل الطفل يدرك بأن التعلم هو قيمة عائلية لدينا؟ عالم النفس الاجتماعي جيرت هوفستد, أوضح الميزات التي تشجع الثقافة المؤسسية:و أعتقد بأن هذه الميزات توفر طريقة مفيدة لغرس القيم في العائلة.

## ماهي تقاليد عائلتك؟   التقاليد تظهر للطفل ما الذي نعتبره ذو قيمة فعلاً و بالتالي نكرره مرة بعد أخرى. تقاليد مثل: اهداء الكتب في مناسبات أعياد الميلاد, ترسل رسالة للطفل بقيمة القراءة لدينا.

## من الذي يتحدث عنه الأباء كبطل؟ من الذي نتحدث عنه باحترام؟ رياضي؟ ممثل؟ مفكر ؟ أم معلم ؟

## ماهي القصص التي تتكرر في العائلة؟  كل عائلة لديها أساطير, وضع شيء ما كأسطورة يوحي للطفل بأنها تحمل شيء يستحق الاعادة و التكرار. هل هي تستحق الإعادة لأن أحدهم أصحبح محظوظاً ؟ غنياً؟ أم  يسعى لتعلم شيء ما؟

## ماهي النماذج التي يتم عرضها؟ لدينا الكثير من الجدران و الطاولات لعرض الأعمال الفنية أو اللحظات العائلية وما شابه. هذه المعروضات يمكن أن تؤخذ كنماذج لما هو ذو أهمية بالنسبة للعائلة.هل الطفل الناشئ يرى الكتب في المنزل؟ أم أن التلفاز هو الذي يحتل المركز في غرفة المعيشة؟ ما الذي يصور في الأعمال الفنية و الصور الفوتوغرافية التي توضع على الجدران؟

على الرغم من أن كل عامل من العوامل المذكورة سابقاً هو عامل مهم, إلا أنه ليس هناك عصا سحرية تُمكن الأباء من غرس قيمتى القراءة و التعلم فى أبنائهم.أظن أنها ملايين من تلك الأشياء الصغيرة التى تُنسج منها حياتنا اليومية و تصنع فرقاً. هى تناول طعام غير مألوف بالنسبة لك فى مطعم لم تجربه من قبل فقط لأنك قرأت عن تجربة مماثلة فى رواية..
 أو التقاط صورة لحشرة لاحظتها فى طريقك لتبحث عن معلومات عنها لاحقاً..أو إبقاء القاموس فى متناول يدك لتبحث فيه كلما واجهتك كلمة جديدة.
بعبارة أخرى, التعلم ليس عملية مجزأة, أو نشاط ننغمس فيه بشكل عرضى  كأن نذهب إلى متحف و انتهى, إنما هو سلوك يتغلغل فى جميع أنشطتنا اليومية لأنه ما نحن عليه حقاً...

هناك تعليق واحد: