أكثر سبعة أسباب لعدم وجود مفكرين مبدعين
نُشر في 22 اكتوبر 2011 بقلم (مايكل ميكالكو)
1. الخطيئة الأولى: إننا لا نؤمن بأننا مبدعين
الناس لا يؤمنون بأنهم مبدعين. لقد تعلمنا أننا نتاج لجيناتنا، آبائنا، تاريخ أسرتنا، تاريخنا الشخصي، مستوى ذكائنا، وتعليمنا. بالتالي، لقد تم تهيئتنا أننا نملك عقلية ثابتة وقدرة معينة على الإبداع، ونؤمن فقط بأن القليل هم من وُلدوا مبدعين بينما الآخرين ليسوا كذلك. ولأننا نؤمن بأننا لسنا مبدعين، فإننا نقضي عمرنا في مراقبة الأشياء التي تعزز ذلك الشعور
داخلنا. نقضي عمرنا في التعرف على الحدود التي نعتقد بأننا نملكها والتعايش معها كأمر واقع. نستمع إلى الصوت "الداخلي" الذي يخبرنا باستمرار ألا نتظاهر بأننا أشخاص
آخرون.
داخلنا. نقضي عمرنا في التعرف على الحدود التي نعتقد بأننا نملكها والتعايش معها كأمر واقع. نستمع إلى الصوت "الداخلي" الذي يخبرنا باستمرار ألا نتظاهر بأننا أشخاص
آخرون.
2. الخطيئة الثانية: نحن نصدق الأساطير المتعلقة بالإبداع
نحن نصدق الأساطير المتعلقة بالإبداع والتي انتشرت عبر السنين. لقد تعلمنا أن الإبداع شيء نادر، غامض، سحري ويأتي من اللاوعي العالمي ، وهو الشرارة المفاجئة أو كشف الحجاب. نحن نؤمن أننا لا نستطيع أن نتعلم كيف نكون مبدعين. ونؤمن بأن المبدعين يكونون دائماً محبطين، مجانين، غير متوازنين، مختلفين، حالات خاصة، غير طبيعيين، مباركين، وأيضا مثيرين للمتاعب. الأشخاص الطبيعيين المتعلمين لا يمكنهم أن يكونوا مبدعين ولا يجب أن يحرجوا أنفسهم بمحاولة فعل ذلك. أي شيء لم يتم تجريبه من قبل، لا يمكن أن نقوم بفعله أو تجربته.
إننا نؤمن بأن نصف العقل الأيمن هو مصدر الإبداع. وهذا شيء لا يمت للحقيقة بشيء. حيث أن الاختلاف في نصف كرة المخ يعتمد على أبحاث طبية لما يقرب من 40 مريض ممن تم التدخل الجراحي لمخهم من أجل علاج الإنقباضات أو الأمراض العصبية الأخرى. والأبحاث الأولية لمثل تلك الحالات التي تمت في الستينيات من القرن الماضي، أظهرت اختلافات وظيفية هامة بين النصف الأيمن والنصف الأيسر للمخ. على الرغم من ذلك فإن في الثمانينيات، بدأ العلماء في محاولة لإعادة تفسير المعلومات التي حصلوا عليها. ولكن كانت المشكلة أن كل المرضى الذين مروا بتجربة التدخل الجراحي للمخ، كانت أمخاخهم في حالة غير طبيعية من قبل البدء في محاولات التفسير. وبشكل عملي، فإن أسطورة نصف المخ الأيمن هي مجرد أسطورة لأنه لا يوجد شخص بمخ مقسوم. كلا النصفين متصلين بهيكل هائل يدعى الجسم الثفني "corpus callosum" كما أن كلا النصفين يتواصلان عن طريق الأعضاء الحسية.
تذكر أن الذ َّرة هي الذ َّرة ولا يمكن أن تكون شيءاً آخراً ، كما لا يمكنك أنت أيضأً أن تكون أحداً آخراً. فلا يمكنك أن تتعلم كيف تكون مفكراً مبدعاً كما أن الذ َّرة لا يمكنها أن تتعلم كيف تكون ثمرة موز.
3. الخطيئة الثالثة: أننا نخاف من الفشل
من أهم الأشياء عند الإنسان هو عدم ارتكاب الأخطاء او عدم الفشل. فالعقول المتحجرة تعتبر أن الفشل هو إهانة شخصية، لذلك عندما يفشلون فإنهم ينسحبون، أو يكذبون أو يحاولون أن يتجنبوا التحديات أو المخاطر المستقبلية.
كان الناس ، في أمريكا قديماً، يعتقدون أن الشيء الوحيد الذي لا إرادة للإنسان فيه هو الولادة الطبيعية، وماعدا ذلك كان يعتمد على الشخص نفسه، وحبه للأشياء وشعوره بالفخر الذي كان يأتي من تغلبه على الصعوبات في الحياة. كان الفشل يعتبر فرصة أكثر منه إهانة. ذات مرة، مساعد (توماس اديسون) سأله : لماذا لم يفقد الأمل في اختراع المصباح؟ حيث أنه فشل 5000 مرة. وكان رد (اديسون) أنه لا يعرف ما الذي يقصده مساعده بكلمة " فشل " لأنه كان يؤمن بأنه " اكتشف" 5000 شيء لا ينجح. كان هذا في الفترة التي ازدهر فيها التفكير الإبداعي في أمريكا. فأناس مثل (اديسون)، و (تسلا)، و (وستنجهاوس) لم يعلموا بأنه ليس بإمكانهم التفكير بشكل غير تقليدي لذلك أبدعوا.
بعد الحرب العالمية الثانية، ازدهرت "النظريات الحتمية" حول أن حياة كل شخص قد شُكلت عن طريق الجينات أو العوامل الوراثية وهي التي تتحكم بها. ومن هنا بدأ تدريس نظرية "العجز" والتي أحبطت من عزيمة الإنسان وأفرزت " ثقافة العجز" وتلك الثقافة هي التي مهدت للعقلية التي تخاف من الفشل.
تلك العقلية المتحجرة التي تخاف من الفشل أدت إلى الاعتقاد بأن الموهبة جينية، وأنك تولد فنان، كاتب أو حتى مقاول. وبناءاً على ذلك، فإن الكثيرين منا لا يقوم بتجربة شيء لم يقم بفعله من قبل. نحن فقط نفعل ما نعرف أننا سننجح في فعله من تجاربنا وخبراتنا السابقة. " ثقافة العجز " لدينا تشجعنا على أن نؤمن أن هناك أسباب وراء الأشياء التي لم يقم أحد بفعلها من قبل.
4. الخطيئة الرابعة: نحن نفشل في العمل
نحن نؤمن بأننا غير مبدعين، ونصدق الأساطير المتعلقة بالابداع، ولأننا نخاف من الفشل ، فإننا لا نقوم بعمل شيء. فنحن نتجنب القيام بأي فعل. لأننا اذا لم نقم بفعل شيء، فإننا لن نفشل. واذا كان علينا القيام بشيء ما، فإننا ننتظر حتى يكون عندنا خطة مثالية تضع في الحسبان كل شيء وأي شيء قد يحدث. فنتأكد من تفاصيل الخطة وجميع الأدوات التي نحتاجها. سوف نبحث عن الإرشاد والتوجيه من كل خبير وشخص مسؤول يمكن الوصول إليه. وإذا شك أي خبير أو شخص مسؤول حتى ولو شك بسيط، فإننا لا نخاطر بحدوث الفشل ونجهض الخطة.
كل الفنون هي عبارة عن رد فعل لأول خط نرسمه. فإذا لم يوجد الخط، لن يوجد الفن. وبالمثل، إذا لم تقم برد فعل حين تحتاج لأفكار جديدة في حياتك الشخصية والعملية، فلن يحدث شيءاً سيئاً كما أنه لن توجد نتيجة لذلك.
في "ثقافة العجز" التي لدينا، لا شيء أفضل من المخاطرة ولو بفرصة ضعيفة للفشل، لأن الفشل يعني أننا لا قيمة لنا.
5. الخطيئة الخامسة: الفشل في ابتكار أفكار جديدة
لقد تعلمنا أن ننتقد، نحكم على الآخرين، نكون سلبين ، ومفكرين غير مبدعين. في "ثقافة العجز". فنحن نفخر بفصل الأفكار و الأحاسيس عن الآخرين والتركيز على عيوبهم فقط. فكلما أصبحنا سلبيين، كلما ظهرنا أذكياء في عيون الآخرين. في الاجتماعات، الشخص الذي يصبح أستاذاً في تدمير أفكار الآخرين، يصبح هو الأكثر سيطرةً. وأول تفكير يطرأ على ذهن الشخص عند التعرض لفكرة جديدة هو: " حسناً. ما المشكلة في تلك الفكرة؟"
وإذا اضطررنا لابتكار أفكار جديدة ، فإنها تكون قليلة جداً. وتكون هي نفس الأفكار التي اعتدنا على على التفكير بها لأنها تكون الأفكار القديمة الأقرب للاوعي الخاص بنا. ثم نظل بعد ذلك نبحث عن المشكلة وعن السبب الذي يجعل تلك الأفكار تفشل. فذهننا الذي اعتاد على أن يحكم على كل شيء، سيعمل بمثابة الرقابة على أي شيء جديد،
غامض أو غير مألوف. فنحن نتصرف تجاه الأفكار الجديدة مثلما يفعل جهازنا المناعي تجاه الفيروسات القاتلة. صوتنا الداخلي سوف ينصحنا قائلاً " لا تبدو غبياً" " استسلم" ، " انت لا تمتلك الخلفية ولا الخبرة الكافية" "هذا شيء مختلف عما تبحث عنه" ، " لو كانت تلك فكرة جيدة، كانت قد استخدمت من قبل" ، "لن يوافقوا أبداً على تلك الفكرة" ، " أين الدليل على تلك الفكرة؟" " هذا غير منطقي" ، " لا تكن سخيفاً" وهكذا. أي شيء مختلف عن الخبرات والمعتقدات السابقة لن يكون ممكناً.
وتذكر، حتى تحصل على نفس الأفكار التي تحصل عليها دائماً، استمر بفعل ما اعتدت أن تفعله من قبل ولا شيء غير ذلك. لا تبحث عن طرق مختلفة للتفكير.
6. الخطيئة السادسة: الفشل في رؤية الأشياء بطرق مختلفة
واحدة من الطرق العديدة التي يسلكها الناس لمحاولة جعل التفكير أسهل ، هي أنهم يقومون بحل الانطباع الأول للمشكلة التي يواجهونها. فذلك يساعدهم على الوصول للمشكلة بأفكار مسبقة وينتهي بهم الحال برؤية ما يتوقعون رؤيته معتمداً على خبراتهم السابقة. فبمجرد أن تتقبل منظورك الأولي، فأنت تغلق كل الخطوط الأخرى المؤدية للأفكار. فقط بعض أنواع الأفكار هي التي ستطرأ لك، وتغلق الباب على أي أنواع أخرى. حل المشاكل عن طريق الانطباع الأول يجنبنا الغموض. الناس يؤمنون بأنهم يفكرون بطريقة منطقية عندما يبسطون الأمور لتجنب الغموض. منطق (أرسطو) يقول : إما أنه" أ " أو أنه ليس" أ " فلا يمكن أن يكون كلاهما. السماء زرقاء أو ليست زرقاء. لا يمكنها أن تكون بلايين الظلال المختلفة للون الأزرق. أنت مصيب أو مخطئ ، لا يمكنك أن تكون مصيب ومخطئ في نفس الوقت. لا توجد منطقة رمادية. فالعالم أبيض أو أسود.
الذين اعتادوا أن يتبعوا طريقة تفكير معينة مثل طريقة التفكير العلمي ، على سبيل المثال ، لا يمكنهم أن يستمتعوا بالنظر إلى المشكلة أو التفكير بها بطريقة مختلفة. استمر بفعل ما تقوم به. كلما أكثرت من استخدام نفس طريقة التفكير، كلما أصبحت أفضل في ابتكار أفكار مرتبة ومتوقعة. وتجنب محاولة أي شيء جديد.
7. الخطيئة السابعة: الفشل في تقبل المسؤولية الشخصية
ليس خطؤنا أننا لسنا مبدعين. إنها مسؤولية معلمينا ،آبائنا ، الكنيسة، جيناتنا، الحكومة، قلة الوقت، قلة المصادر، عدم وجود بيئة تساعد على الإبداع، عدم وجود تكنولوجيا مناسبة، قلة التشجيع، تناولنا الكثير من السكر، قلة الجوائز المالية، المؤسسة، المدراء، قلة الاستحقاقات، عدم معرفة استراتيجيات التفكير الابداعي، عدم وجود ما يضمن النجاح، بالإضافة إلى كل هذا، أننا كلنا من أصحاب الشق الأيسر للمخ.
لا يمكنك أن تتوقع أن يكون الناس شيء آخر غير ما هم عليه. في" ثقافة العجز" الخاصة بنا، تعلمنا أننا لا يمكننا تغيير مواقفنا، سلوكياتنا، أو طريقة تفكيرنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق