الخميس، 12 أبريل 2012

هل (سبونج بوب) مضر لعقل طفلك الصغير؟




ربما كنا نعرف أن مشاهدة التلفاز ليست في صالحنا كثيرا (نحن ولا أطفالنا), ولكن هل حقا يمكن أن يؤثر التلفاز سلبا على قدراتنا العقلية؟ تبين دراسة حديثة[1] أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال, و أصدرتها في مجلتها العلمية "طب الطفولة", أن حتى التعرض البسيط لمشاهدة مسلسل (سبونج بوب)[2]  الصادر عن (نيكولوديان) يؤثر سلبا على درجة انتباه الأطفال في سن ما قبل المدرسة, ويؤثر على تأديتهم للأنشطة المختلفة. تؤكد الدراسة أن السبب في هذا الانخفاض هو السرعة التي تتحرك بها القصة والانتقال المباغت بين المشاهد خلال المسلسل.
نؤكد (سوزان لين)[3], الشريك المؤسس في حملة "طفولة بلا إعلانات", أن هذا المسلسل يحرم الأطفال من أخذ وقتهم في الاستكشاف بصورة مريحة وعميقة, وهذا الاستكشاف البطيء هو أساس من أساسيات التعلم.
تم إجراء اختبار على مجموعة من20 طفلا في الرابعة من عمرهم, تركوا ليشاهدوا (سبونج بوب) لمدة 19 دقيقة, ثم قارنوا أداءهم بمجموعة أخرى شاهدت (كالليو), وهو مسلسل آخر شهير ولكنه أبطأ ايقاعا, بينما كانت هناك مجموعة ثالثة تركت لتقوم بالتلوين لمدة 9 دقائق ولم تشاهد أي مسلسلات.
تبين أن المجموعة التي شاهدت (سبونج بوب) , والذي كانت مشاهده تتغير بمعدل مرة كل 11 ثانية, قد أدت أداء سيئا بشكل ملحوظ بالنسبة للمجموعتين الأخريين. يفسر أصحاب الدراسة هذا بأن الاستثارة الزائدة في سن النمو العقلي يجعل من الأصعب على الطفل أن يركز في المهام التي تتطلب وقتا طويلا فيما بعد.
يدفع ممثلو (نيكولوديان) بأن المسلسل في الأصل موجه للأطفال من عمر 6 إلى 9 سنوات, ولكن في الحقيقة فإن المسلسل يتم تسويقه بصورة مكثفة للأطفال في سن ما قبل المدرسة. خرجت هذه الدراسة بعدة محاذير وتوصيات خاصة بها, ولكنها تؤكد ما كان يردده الباحثون منذ عدة سنوات.
ماهو المطلوب؟
ماهو واجب الأبوين ؟ الواجب عليك إذا كنت ستسمح لطفلك في سن ما قبل المدرسة بمشاهدة التلفاز (وغالبا ما سيحدث هذا), فينبغي عليك أن تبحث عن مسلسلات وبرامج مناسبة لطفلك.
من الذي يسيء التصرف؟ تقول (سوزان لين) أنه من المهم أن نتذكر أن أطفالنا يتعلمون من خلال النماذج المطروحة أمامهم في التلفاز أو غيره من وسائل العرض, ولهذا ينبغي على الآباء أن يبحثوا للأطفال عن برامج تعكس الأخلاقيات والتصرفات التي يريدون أن يروها في الأطفال. بغض النظر عن الهدف التعليمي من وراء البرنامج, ينبغي أولا أن تسأل نفسك: هل شخصيات مثل (سبونج بوب), و(دورا) أو أي شخصيات أخرى, هي الشخصيات التي تتصرف بشكل تريد من أبنائك أن يقلدوه؟
الإيقاع مهم. يحتاج الأطفال لوقت حتى يتعرفوا على المفاهيم ويقوموا بتجميع المعلومات واستيعابها. ولذلك فإن برامج التلفاز التي يكثر فيها الانتقال السريع بين المشاهد, والتي تسير فيها القصة بوتيرة سريعة وأحداث متلاحقة, هذه المسلسلات تحرم الأطفال من الوق والمجال المطلوبين للتعلم بصورة ذات قيمة. تقول (سوزان لين): "ربما كانت برامج الأطفال تجعلك تشعر بالملل, ولكن ذلك لا يعني ان أطفالك يشعرون بالملل منها أيضا". ولذلك ابحث عن برامج تسمح للأطفال أن يتعلموا بوتيرة بطيئة ومريحة, وتمكنهم من استكشاف المباديء والمفاهيم المعروضة عليهم.
حاذر من التفاخر الزائف. تقول الدكتورة (ديبوراه لينبارجر)[4] -المدرس المساعد بمدرسة التواصل التابعة لجامعة (بنسلفانيا) والمديرة لمعمل وسائل الإعلام الموجهة للأطفال- أن الكثير من المنتجين التليفزيونيين يميلون للمبالغة و الإبهار الزائف عندما يتحدثون عن برامجهم وقيمتها التعليمية. وقد بينت دراساتها أن البرامج الجيدة حقا هي التي تقوم بعرض مميزات واضحة ومحددة لبرامجها (مثلا : برنامجنا يعلم الأطفال الأبجدية) بينما الكثير من "المزيفين" يقومون بالكلام عن ميزات ضبابية لبرامجهم (مثلا: برنامجنا "يلهم" الأولاد تعليميا). تقول (ديبوراه): "بصورة أساسية, البرامج التي تقوم بتحديد مميزاتها بشكل صريح تفعل ذلك لأنها تستطيع تدعيم هذه المزاعم بأهداف ومناهج واضحة وواقعية وتبين ذلك من خلال ترتيب المحتوى في الحلقات"
اقرأ قائمة المشاركين في العمل. تقول (ديبوراه) أيضا أنه ينبغي على الأبوين أن "يبحثا عن البرامج التي تقوم على أساس مناهج محددة. لاحظ في قائمة المشاركين في العمل أسماء المستشارين التعليميين وابحث على موقع البرنامج على الانترنت, ستجدهم يبينون بوضوح المنهج الذي يستقون منه المحتوى.و لماذا يفعلون ذلك؟ لأنه من الواضح أنه كانت هناك رؤية محددة حينما قاموا بالبدء في برنامج يهدف لمساعدة الأطفال على التعلم". أسماء المشاركين في العمل يمكنها أن تعطيك أدلة وصورة واضحة عن البعد التعليمي من وراء البرنامج الذي سيشاهده طفلك.
برامج مرشحة لأطفالك
في نهاية المطاف, يريد الأبوين أن يعرفا :"ماذا يمكن لأطفالنا أن يشاهدوا في سن ما قبل المدرسة؟" هل نختار (دورا) أو (شارع سمسم)؟ وللإجابة قمنا بسؤال اثنين من المتخصصين هما: (ديبوراه لينبارجر) و (بيتسي بوزديك)[5] المحرر التنفيذي لمؤسسة (كومن سنس) الإعلامية, وقاما بالتوصية بمشاهدة خمس برامج تليفزيونية مناسبة للأطفال في سن ما قبل المدرسة, هي:
(سوبر واي)[6] أو سوبر لماذا. هذا البرنامج يضع أبناءكم على الطريق للنجاح في القراءة, عن طريق تعليمهم مهارات التعبير المبكرة, مثل الحروف ومخارج النطق. في طاقم برنامج (سوبر واي) يتحدث الأطفال مباشرة للمشاهدين طالبين منهم المساعدة ويدعون وقتا للمشاهدين ليستجيبوا لهم, ثم يتبع ذلك ظهور الإجابة المطلوبة بعدها مباشرة, وهو نهج تفاعلي ومؤثر في التعامل مع الأطفال وتعليمهم.
(وورد ورلد)[7] أو عالم الكلمات. هذه السلسلة تحيي الكلمات بالمعنى الحرفي للكلمة: كل شخصية, أو مكان أو أي شيء هو مصنوع من الحروف التي تصنع اسمه. يستكشف الأطفال العالم من حولهم من خلال الكلمات, ويقومون بعمل توصيلات بين حروف الكلمة الواحدة وبين الكلمة ومعناها. (وورد ورلد) يساعد الأطفال في سن ما قبل المدرسة على استيعاب كيفية تكوين الكلمات, ويصنع عندهم الأساس المبدأي للمعرفة والثقافة.
(زوبومافو)[8]. "كم أحب هذا البرنامج. لقد وجدت أن محصلة أولادي اللغوية ترتفع كثيرا مع مشاهدة مثل هذه البرامج" هكذا تقول (ديبوراه لينبارجر). (زوبومافو) هو مثال آخر رائع لبرامج الأطفال التفاعلية, حيث يقوم المذيعان –الأخوان (كرات)- بالحديث مباشرة مع المشاهدين, ويساعدان الأطفال على تعلم الكثير حول الحيوانات. وبالإضافة إلى ذلك, يقومان – بمساعدة قرد ظريف اسمه (زوبوو)- بتقديم نماذج من التصرفات والأخلاق الحسنة. يركز الجانب التعليمي من البرنامج على تعلية استيعاب وإدراك الأولاد للمفاهيم المختلفة وهي من الاحتياجات الأساسية للأطفال في سن ما قبل المدرسة.
شارع سمسم[9]. "يوجد سبب لكون شارع سمسم من البرامج المفضلة عبر هذه الفترة الطويلة" هكذا تقول (بيتسي بوزديك). يعلم البرنامج الأطفال الكثير حول موضوعات متفرقة, من بناء الكلمات وحتى الثقافة الغذائية الصحيحة, ويحتوي البرنامج على مجموعة من أكثر الشخصيات المحبوبة في تاريخ العروض التليفزيونية (من ذا الذي لم يحب شخصيات الدمى المتحركة (المابيتس)؟) وتقدمته لتمارين الهجاء تجعله مرحا حتى بالنسبة للآباء. وفي السنوات الماضية, أقر القائمون على برنامج شارع سمسم بأهمية حسن توقيت سرعة البرنامج وإيقاعه بالنسبة للأطفال وبدأوا في التقليل من سرعة أحداثه.
(سيد) الطفل العلمي[10]. هل تعتقد أن العلوم مملة؟ برنامج (سيد) الطفل العلمي يعرض العلوم بصورة رائعة و مبسطة ويسهل فهمها للأطفال. "ما أحبه في هذا البرنامج هو أنه يعرض بدقة مرحلة ما قبل المدرسة, ويقوم بتجزئة الطريقة العلمية في التفكير ويشرحها ويركز على كتابة وتسجيل ما تتعلمه يوميا" هكذا تقول (ديبوراه لينبارجر) "وهو أيضا يجسد الحماسة تجاه التعلم وهي صفة طبيعية عند الأطفال في هذا السن". وأيضا يقوم البرنامج بكل هذا في سياق أحداث قصة, مما يجعله سهل المتابعة بالنسبة للأطفال في سن ما قبل المدرسة, ويبسط لهم مفاهيم العلوم ومحتوياتها.
وأخيرا, بعض النصائح الإضافية: حاول أن تتجنب الإعلانات على قدر ما تستطيع. لو أمكنك أن تشاهد البرامج مسجلة وبلا إعلانات بدلا من البث المباشر فهذا أفضل, لأنه من الصعب على الأطفال التمييز بين الإعلانات والبرامج نفسها, وهو ما قد يؤدي لمشاكل حين تكون الإعلانات غير متوافقة مع محتوى البرنامج أو تحوي رسائل غير جيدة. وأيضا حين يشاهد ابنك إعلانا, تكلم معه حول الهدف من الإعلان لتبين الفرق بينه وبين البرنامج. ينبغي أيضا أن تضع حدودا حول كم الوقت الذي يشاهد فيه أطفالك التلفاز, ومتى يشاهدونه, وماذا يشاهدونه, فكل هذا مما يساعد الأولاد على حسن الاستفادة من وقتهم أمام التلفاز.
تقول (ديبوراه لينبارجر) أن البرامج التي يتم بناؤها على أساس منهج ومحتوى علمي يهدف لتوصيل رسالة تعليمية محددة للطفل , هذه البرامج تؤثر على مستوى الإنجاز الأكاديمي والتحصيل المدرسي عند الأطفال في سن الطفولة وحتى المراهقة, لهذا ينبغي على الأبوين أن يبحثا عن البرامج التي تحتوي على الكثير من التفاعل مع المشاهد, والتي تحتوي على حكايات , والتي تسير بوتيرة بطيئة, والتي تقول بوضوح ماهي رسالتها التعليمية بالنسبة للأبناء. وفي كل الأحوال ينبغى أن يحرص الأبوين على أن يحصل الأبناء على الكثير من الوقت لاستكشاف العالم من حولهم, ولاستخدام خيالهم, وبالطبع ليلعبوا ويمرحوا !

للمزيد من الترجمات النافعة , زوروا صفحتنا (ترجمني شكرا)


[2] SpongeBob
[3] Susan Linn
[4] Deborah Linebarger 
[5] Betsy Bozdech
[6] Super Why
[7] WordWorld
[8] Zoboomafoo
[9] Sesame Street
[10] Sid the Science Kid

هناك تعليق واحد: