الأحد، 15 أبريل 2012

كيف تعرف أن محدثك على الانترنت يكذب؟

أربع دلائل لكشف الكذب على الانترنت
بقلم الدكتورة (سوزان كراوس وايتبورن)[1]

في مراحل التغيير في حياتك, سواء أكان هذا بعد الانفصال في علاقة لم تنجح أو الانتقال إلى مدينة مختلفة, أو حتى في محاولة توسيع دائرة معارفك وأصدقائك, ربما جربت الاستفادة من الفرص الواسعة التي تقدمها مواقع الصداقة على الانترنت. وبالرغم من ما فيها من فرص, فإن هذه المواقع ربما صارت تشبه الفخ بالنسبة للمستخدمين الجدد, مالم يكن بمقدورك أن تكتشف الكاذبين الالكترونيين. ربما كان بإمكانك أن تكشف الكاذبين في الحياة الواقعية بملاحظة نظراتهم وحركاتهم وتعبيرات وجوههم, ولكن كشف الكذب على الانترنت مسألة أخرى.


ربما بدا لأول وهلة أن كشف الكذب على الانترنت هو مهمة صعبة, ولكنها ليست مهمة مستحيلة. حين تبدأ في فهم لغة الكاذبين على الانترنت, ربما تصبح يصبح اعتمادك على الأدلة التي تقرؤها على الشاشة  أكثر من اعتمادك على الأدلة التي تقرؤها على وجوه الناس.

قرر أستاذين من أساتذة التواصل, وهما الأستاذة (كاتالينا توما)[2] - من جامعة (ويسكونسن-ماديسون)- و الأستاذ (جيفري هانكوك)[3] – من جامعة (كورنيل)- قررا أن يستخدما أدوات التحليل الخاصة بهما من أجل تحديد أنماط وصور من كلام الكاذبين على الانترنت (توما وهانكوك , دراسة تحت النشر). فقاما بعمل مقابلات مع 80 مستخدما من مستخدمي مواقع الصداقة على الانترنت والذين أتموا من قبل كتابة معلوماتهم على صفحاتهم في تلك المواقع.

قام كل مستخدم منهم بتقييم مدى صدقه في إدخال المعلومات على تلك المواقع, وهو بالطبع تقييم يخضع للهوى الشخصي وقابلية المبالغة حين نتكلم عن أنفسنا, فكثيرا ما نكره أن نواجه أنفسنا بالحقيقة عنها. لجعل هذا التقييم أكثر دقة, قام الباحثان بحساب "معامل الكذب" لكل مستخدم من خلال تقييم الفارق في المقاييس الجسدية التي ذكروها (الوزن , الطول...الخ) عن مقاييسهم الحقيقية. وكذلك قام فريق من الطلبة الجامعيين بمساعدتهما في تقييم دقة الصور التي وضعها المستخدمون على تلك المواقع من خلال مقارنتها بأحدث الصور لهؤلاء المستخدمين.

إن هذا المعامل – معامل الكذب- يمثل لنا رقما يظهر إلى أي مدى يكذب الأشخاص في صفحاتهم التعريفية على مواقع الانترنت, وإلى أي مدى تنحرف صفاتهم الحقيقية عن الصفات التي يكتبونها على تلك المواقع. تحديد هذا المعامل هو الخطوة الأولى لتحديد :  من هم الصادقون ومن هم الكاذبون على الانترنت؟

ليمكنهما تحديد هذا, قام (توما) و (هانكوك) بالاستعانة ببرنامج على الحاسب الآلي للتحليل اللغوي. قام البرنامج بتحليل صفحات التوصيف الخاصة بمستخدمي مواقع الصداقة والتي يعرفون فيها أنفسهم. من خلال تقييم اختيارهم للألفاظ وعدد تكرارات بعض الكلمات التي يستخدمها الناس على صفحاتهم, أوجد البرنامج ثلاثة أدلة تكشف عن الكذب والخداع.

أولا: يميل الكاذبون إلى تجنب المواضيع التي كذبوا عنها في وصف أنفسهم على صفحاتهم. فمثلا لو كذبوا بخصوص وزنهم, فستجدهم يتجنبون استخدام الكلمات المتعلقة بالطعام, و لو كانت صورهم غير دقيقة, فيقومون بكتابة توصيف يتحدث عن العمل والإنجازات الأخرى, في محاولة لصرف الانتباه بعيدا عن كذبهم بخصوص مظهرهم.

ثانيا: يميل الكاذبون إلى تقليل الكلام عموما, فكلما قل كلامهم, قل احتمال أن يكشف أحد كذبهم.

ثالثا: يتجنب الكاذبون التعبير عن أي مشاعر سلبية, فهم يريدون أن يرسموا صورة مشرقة لأنفسهم بالكذب, ولهذا يتجنبون أي شيء يمكن أن ينظر له على أنه سلبي.

هذه النتائج التي توصل لها التحليل بالحاسب الآلي, تتفق مع النظرية المعروفة باسم " نظرية الخداع بين الأشخاص "[4] و التي تقوم على أن الكاذبين عموما يستخدمون التواصل بصورة مخططة من أجل تحقيق أهدافهم.

هذه أدلة ربما تبدو عظيمة, ولكن, ماذا تفعل لو لم يكن عندك برنامج يمكنه تحليل الكلمات التي تقرؤها على الشاشة؟ بعبارة أخرى, هل يمكن للشخص العادي أن يكتشف الكذبات في الصفحات الشخصية التي يقرؤها على الانترنت؟ كان هذا سيكون جميلا في الحقيقة, ولكن للأسف, فإن العقل البشري يسهل خداعه, فنحن واقعون تحت تأثير ما يسميه الباحثون "الميل للتصديق", فمن الطبيعي أن يفترض أغلبنا أن الناس صادقون, وهذا الميل للتصديق ظهر واضحا في الجزء الثاني من تلك الدراسة التي قام بها (توما) و (هانكوك).

من أجل تقييم قدرة الذين يقرؤون على الانترنت, قام (توما) و (هانكوك) بتوظيف مجموعة من 62 طالبا جامعيا, وطلبا منهم أن يقرؤوا صفحات ال80 مستخدما الذين تمت دراستهم من قبل, وتقييم مدى صدقها أو كذبها. تبين من خلال التجربة أن المقيمين البشريين لم يؤدوا أداءا حسنا في اكتشاف الكاذبين على الانترنت. بل إن أكثرهم كان يبني حكمه فقط على طول التوصيف المكتوب, فكلما كان التوصيف المكتوب طويلا, كلما بدا هذا الشخص أكثر صدقا بالنسبة للمقيم البشري. إن قدرتنا كبشر على اكتشاف الكاذبين كانت أقل من الحاسب الآلي بكثير, فنحن كبشر نستخدم أحيانا أدلة ربما كانت مضللة, مثل اعتبار كلمة "نحن" أكثر إيحاءا بالثقة من كلمة "أنا" أو "أنت", فكلمة "نحن" أو ضمير الجماعة عموما لا يعني صدق المتحدث أو إخلاصه لك.

إذا كنت تريد أن تحسن مهاراتك في كشف الكذب على الانترنت, فيجب عليك أن تستبدل بمهاراتك البشرية مهارات أخرى تشبه مهارات برامج التحليل الآلي. يمكنك اتباع هذه الخطوات الأربعة البسيطة من أجل تحسين قدرتك على كشف الكاذبين على صفحات الانترنت:

1- كلما كان أطول, كان أفضل. كلما كانت الصفحة الشخصية غنية بالمعلومات عن صاحبها, كلما كان الاحتمال أكبر أنه صادق, حيث يخشى الكذابون أن يقعوا في فخ كذباتهم, فكلما زادت تفاصيل قصة شخص ما, كلما كان الاحتمال الأغلب أنه صادق فيها وفي وصفه لنفسه.

2- ابحث عن المصداقية. حينما يصف الناس أنفسهم في مكان ما على شبكة الانترنت, فيفترض أنهم قادرون على دعم هذه الأوصاف بأدلة من مكان آخر لتأكيد كلامهم. لا تقرأ التوصيف فقط مرة واحدة من أعلى لأسفل, بل قم بإعادة قراءته, وتأكد أنه لا يناقض نفسه, وكذلك لو أمكنك, وكنت مهتما بالشخص الذي تقرأ صفحته, فابحث عنه على موقع (جووجل) وحاول أن تجد معلومات أخرى في مواقع أخرى , لترى هل وصفه كان يتمتع بالمصداقية أم لا.

3- ضع في اعتبارك أن الكاذبين يتجنبون ذكر السلبيات. إن هذا الشخص الذي يريد إبهارك بالكذب, سيحاول بالتأكيد تجنب أي صفة سيئة, فهو يريد أن يجعلك تشعر بالانبهار والدفء, ويرسل لك رسالة مفادها "كل شيء على ما يرام" فأي توصيف يبدو إيجابيا بصورة غير واقعية ربما كان معناه هو أنه بالفعل وصف غير واقعي.

4- احترس من ضمير الجماعة "نحن, إننا..الخ". لا تنجرف إلى شبكة الخداع المنسوجة من أجل جعلك أنت وشخص لايزال غريبا عنك في فريق واحد أو جهة واحدة. فلو لاحظت زيادة غير مألوفة في استخدام طريقة التعبير التي تدل على الجماعة, فربما كان هذا يعني أن الصفحة مكتوبة بحيث تجعلك تشعر بألفة زائفة مع الكاتب, ولكن هذه الألفة لا تعني أنه شخص صادق بالضرورة.

إن ميلنا للتصديق ربما أثر علينا في استخدام الانترنت أكثر بكثير من حياتنا اليومية. فلو جذبتك صورة شخص ما (وتذكر أنها في الغالب صورة ليست دقيقة أو حديثة له), فربما تكون ميالا لتصديق هذا الشخص. ولكن انتبه, فالانترنت مليء بالأفخاخ التي نصبها أشخاص لا يحملون اهتماما بمصلحتك في قلوبهم. تعلم ان تجعل عقلك حاكما على قلبك, وستجد أن خبراتك على الانترنت أكثر إثمارا بكثير.

للمزيد من الترجمات النافعة , زوروا صفحتنا (ترجمني شكرا)


[2] Catalina Toma (University of Wisconsin-Madison)
[3] Jeffrey Hancock (Cornell University)











هناك تعليق واحد: